مقبرة الفراشات
21
استيقظتُ هذا الصباح على أثر حلمٍ مُربِك؛ رأيتُ نفسي أبًا لطفلة صغيرة.
ما أرعبني هو فكرة أن أَنتَزِع روحًا من العدم، وأُلقي بها في عالمٍ يتّسع للوحشة أكثرَ مما يتّسع للطمأنينة، وأن أحمِلَها عبءَ الوجود والمعاناة في عالمٍ مُجحِف لا يعرف الرحمة ويعجّ بالشر.
شعرتُ بثِقَل لا طاقة لي به، ولطالما أرعبتني هذه الفكرة؛ إذ كنت أراها جريمةً أن تُسحَب روحٌ من نعيم العدم وتُقحَم في حياة نَهِمة.
وحين انفتحت عينا ...
مقبرة الفراشات
16
يتحوّل الفضاء الرقمي إلى مسرح للذات البديلة، عندما تتجلى لدى بعض الأفراد ظاهرة التضخيم الافتراضي للذات؛ إذ ينشئون هويات رقمية متعجرفة، تتزيّن بألقاب مبالغ فيها، وصور مصممة بعناية تُشيع عنهم صورة العظمة والقوة.
ويكون هذا السلوك بمثابة تعويض عن غياب جوهري أو نقص داخلي، كما يشير إلى انكماش الوجود الحقيقي؛ فالعالم الفعلي لا يمنح الفرد المعني القدرة على القيام بكل هذا وذاك، بما في ذلك افتقاره إلى الاعت ...
مقبرة الفراشات
33
بالرغم من قدرتنا الكبيرة على التعبير، إلا أننا نقف أحيانًا عاجزين أمام ما يعتمل في أرواحنا؛ فحين تبلغ المشاعر أعماقًا لا تصلها الكلمات، تصبح اللغة قاصرة، عقيمة، لا جدوى منها. وما يبقى لنا في تلك اللحظات هو استقبال التفاصيل بصمتٍ خجول: ابتسامة مرتعشة، رجفة يد، أو نظرةٍ تختبئ خلفها حقيقة الشعور.
تلك الإشارات الصغيرة هي أصدق ما فينا.
– وقار ✍🏼
مقبرة الفراشات
72
يا لوحدتي!
على الرغمِ من كلِّ ما حلَّ بي، لم أشعرْ بالخيبةِ والخذلانِ كما أشعرُ بهما الآن!
أنتَ لم تكنْ أملي ولا نجاتي، بل الضربةَ الأخيرةَ التي أماتتْني!
أتَعلم؟ لقد ابتلعتُ كثيرًا من المآسي والتباريحِ والمعاناة، إذ كان الظلامُ يُحيطني من جميعِ جوانبي، والرعبُ يداهمُ لحظاتِ طمأنينتي القصيرة، وكانتْ روحي تتمزّقُ أشلاءً في كلِّ يومٍ وليلةٍ.
لقد ابتلعتُ الكثيرَ من البوادرِ المقزّزة من أقربِ الناسِ ...