27
قصص إسلامية:
⚔ قتيبة بن مسلم الباهلي ⚔
🚩 فاتح الصين العظيم 🚩
نسبه ومولده :
هو البطل المغوار والقائد العظيم كبير مجاهدي الدولة الأموية بلا منازع وناشر الإسلام في أقصى ربوع الأرض من ناحية الشرق وصاحب الراية التي لم يتجاوز أي فاتح بعده مكانها، ومدخل الإسلام إلى بلاد الصين، صاحب الشخصية الجهادية الساحرة التي بهرت كل من رآه، وأسرت نفس كل من سمع أخباره، الذي أسلم على يديه الآلاف من الكفرة حبًا فيه وفي جهاده وشجاعته، الذي انتصر على كل أعدائه، وحطم معابد الشرك والأوثان، ولم يفر أو يهزم في معركة قط، صاحب الراية المباركة على الإسلام والمسلمين، الأمير أبو حفص "قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي".
ولد قتيبة بن مسلم سنة 48 هجرية بأرض العراق، وكان أبوه "مسلم بن عمرو" من أصحاب "مصعب بن الزبير" والي العراق من قبل أخيه أمير المؤمنين "عبد الله بن الزبير"، وقُتِل معه في حربه ضد "عبد الملك بن مروان" سنة 72 هجرية، وقد نشأ "قتيبة" على ظهور الخيل رفيقًا للسيف والرمح، محبًا للجهاد، وقد اشترك "قتيبة" في الحملات الجهادية منذ شبابه المبكر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم "المهلب بن أبي صفرة" وكان خبيرًا في معرفة الأبطال ومعادن الرجال، فتفرس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالي العراق الشهير "الحجاج بن يوسف الثقفي" الذي كان يحب الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهام ليختبره بها ويعلم مدى صحة ترشيح "المهلب" له، وهل سيصلح للمهمة العظيمة التي سيؤهله إليها بعد ذلك أم لا؟
رحلة المجد الجهادي :
بدأت رحلة المجد الجهادي لهذا القائد الفذ منذ 86 هجرية، وذلك عندما ولاه "الحجاج بن يوسف الثقفي" ولاية "خراسان" وهو إقليم شاسع مترامي الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان "المهلب بن أبي صفرة" واليًا على خراسان من عام 78 حتى 86 هجرية، وقد رأى "الحجاج" أن يدفع بدماء شابة جديدة في قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من "قتيبة بن مسلم" لهذه المهمة.
سار "قتيبة بن مسلم" على نفس الخطة التي سار عليها آل المهلب، وهي خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقتًا للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين، ولكنه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطة ثابتة لها هدف ووجهة محددة، ثم يوجه كل قوته للوصول إلى هدفه، غير عابئ بالمصاعب أو الأهوال التي ستواجهه، معتمدًا على بسالته النادرة وروح القيادة التي امتاز بها وإيمانه العميق بالإسلام.
بطولاته وفتوحاته :
قام "قتيبة بن مسلم" بتقسيم أعماله لأربع مراحل، حقق في كل واحدة منها هدفه، فتح ناحية واسعة فتحًا نهائيًا ثبت فيه أقدام المسلمين للأبد وهي كالآتي:
• المرحلة الأولى: قام بها "قتيبة" بحملته على "طخارستان السفلى" فاستعادها وثبت أقدام المسلمين بها وذلك سنة 86 هجرية، وطخارستان السفلى هي الآن جزء من أفغانستان وباكستان.
• المرحلة الثانية: قاد فيها حملته الكبرى على بخارى فيما بين سنتي (87- 90 هجرية) وخلالها أتم فتح بخارى وما حولها من القرى والحصون، وكانت أهم مدن بلاد ما وراء النهر وأكثفها سكانًا وأمنعها حصونًا.
• المرحلة الثالثة: وقد استمرت من سنة (91- 93 هجرية)، وفيها تمكن "قتيبة" من نشر الإسلام وتثبيته في وادي نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم "سجستان" في إيران الآن وإقليم خوارزم "يوجد الآن بين دول إيران وباكستان وأفغانستان"، ووصلت فتوحاته إلى مدينة "سمرقند" في قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائيًا.
• المرحلة الرابعة: وامتدت من سنة (94- 96 هجرية)، وفيها أتم "قتيبة" فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة "كاشغر" وجعلها قاعدة إسلامية، وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش الإسلام في آسيا شرقًا.
الأمير قتيبة وقبائل الأتراك :
عندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامي في شرق المعمورة كان هناك نوعان من الأجناس البشرية؛ القبائل الساسانية أو الفارسية، والقبائل التركية، وكان نهر "المرغاب" هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عددًا وأوسع انتشارًا، منهم الأتراك الغزية، والأتراك القراخطاي، والأتراك القوقازيون، والأتراك الأيجور، والأتراك البلغار، والأتراك المغول.
ونستطيع أن نقول: إن الأمير "قتيبة بن مسلم" هو صاحب الفضل الأول بعد الله عز وجل في إدخال الأتراك شرقي نهر المرغاب وفي بلاد ما وراء النهر في الإسلام، فقد سحرت شخصيته الجهادية الأتراك فدخلوا في دين الله أفواجًا حبًا في بطولات وشجاعة هذا البطل الجسور الذي رأى فيه الأتراك الرمز الحقيقي للفضيلة والشجاعة والرجولة، ومعاني الإسلام النقية المتجسدة في